ذهب المالكية إلى التفصيل: فإن كان ما يخرج معلومًا حين العقد أجازوه، وإن كان ما يخرج مجهولًا حين العقد منعوه للجهالة بالأجرة.
ولهذا منع المالكية أن يدفع الرجل غزله لينسجه بحصة شائعة منه، كما منعوا عصر الزيت والسمسم بحصة شائعة منه للجهالة بمقدار الخارج وصفته حين العقد (١).
بينما أجاز المالكية أن يقول الرجل لآخر: احصد زرعي ولك نصفه؛ لأنه معلوم مشاهد فكان كبيع الجزاف، بينما لو قال: احصد وادرس زرعي، ولك نصف الحب فلا يجوز؛ لأن العقد لم يقع على كمية الزرع، وإنما على الحب، وهو مجهول المقدار والصفة حين العقد.
يقول الخرشي: «وكذلك تجوز الإجارة إذا قال له: احصد زرعي، وما حصدت فلك نصفه، فلو قال: احصد زرعي وادرسه، ولك نصفه لم يجز؛ لأنه
(١) جاء في المدونة (٤/ ٤٠٩): «قلت: أرأيت إن دفعت إلى حائك غزلًا ينسجه لي بالثلث أو بالربع، أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: قال مالك: لا يجوز هذا. قلت: لم؟ قال: لأن الحائك آجر نفسه بشيء لا يدري ما هو/ ولا يدري كيف يخرج الثوب فلا خير فيه قال ابن وهب: وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره. وقال: من استأجر أجيرًا فليستأجره بأجر معلوم إلى أجل معلوم. قال سحنون: وقال مالك: كل ما جاز لك أن تبيعه فلا بأس أن تستأجر به وما لا يجوز لك أن تبيعه فلا يجوز لك أن تستأجر به قلت: فإن قال: له انسج غزلي هذا بهذا الغزل الآخر؟ قال: قال مالك: هذا جائز».