(ح-٦٠) ما رواه البخاري ومسلم من طريق ابن شهاب، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن.
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن (١).
[ونوقش هذا]
بأن العلماء قد اختلفوا في نجاسة الكلب، وقد حررت كلامهم في كتابي أحكام الطهارة (أحكام النجاسات) وعلى القول بأنه نجس، وهو الصحيح، فإن العلة في المنع من بيعه مختلف فيها، فيرى بعض أهل العلم أن العلة النجاسة، ويرى آخرون أن العلة النهي عن اتخاذه، والأمر بقتله، ولا يمنع الإنسان من اقتناء السرجين النجس، فدل على وجود الفرق، وسيأتي إن شاء الله تعالى في بحث مستقل حكم بيع الكلب، وذكر أدلة الفريقين، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.
[الراجح]
الخلاف في المسألة قوي، ولكل قول وجهة، فإن قلنا: يجوز بيع النجس إذا كان مشتملًا على منفعة، فما بال الميتة منع الشارع من بيعها مع وجود بعض المنافع، وإذا كان النهي عن الانتفاع بالميتة لكونها نجسة، فالناس ما زالوا ينتفعون بالأشياء النجسة كالكلاب، وسباع البهائم، والطير الصالحة للصيد، والذي أميل إليه: أن النجس الذي لا يمكن تطهيره إذا كان فيه منفعة، والناس محتاجون إليه، ولم يكن منهيًا عن بيعه بخصوصه، كالكلب، والميتة، فإنه لا حرج في بيعها؛ لأن المنفعة مال، ولأن الأعيان النجسة تملك، والملك سبب لإطلاق التصرف، والمنفعة المباحة يباح استيفاؤها، فيجوز أخذ العوض