للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخسارة عليه كذلك، واختلفوا في حق العامل على ثلاثة أقوال.

القول الأول:

ذهب محمد بن الحسن من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أن العامل يستحق أجرة المثل مطلقًا، ربح المال أو لم يربح (١).

وجه اعتبار أجرة المثل:

الوجه الأول:

إذا فسدت المضاربة فإن ربح رأس المال يكون لربه؛ لأنه نماء ماله، والخسارة عليه كذلك، والعامل في هذا العقد الفاسد أصبح أجيرًا، وليس مضاربًا؛ والأجير إذا لم تكن الأجرة مسماة فإنه يستحق أجرة المثل.

[الوجه الثاني]

أن العقد الفاسد لما فسد بطل المسمى؛ لأن المسمى إنما يستحق بالشرط، وقد فسد، فكان الرجوع إلى المسمى مع فساد العقد تصحيحًا للعقد، وهذا لا يصح، وإذا بطل المسمى لفساد العقد رجعنا إلى أجرة المثل؛ لأن العامل إنما بذل منافعه ليأخذ عوضه وذلك متعذر في العقد الفاسد فوجب له قيمته وهي أجر مثله.

[القول الثاني]

ذهب أبو يوسف من الحنفية، وهو قول في مذهب الشافعية: أن العامل له أجرة المثل بشرط أن يربح، فإن لم يربح لم يستحق شيئًا (٢).

[وجه هذا القول]

أن العقد الفاسد ليس فوق العقد الصحيح، فإذا كان العقد الصحيح لا يستحق العامل شيئًا مع عدم الربح فكذلك القراض الفاسد لا يستحق شيئًا عند عدم الربح.

[وأجيب]

قال الماوردي: «الجواب عن قوله: إن العقد إذا فسد حمل على حكمه لو صح فهو: أنه يحمل على ذلك في وجوب الضمان وسقوطه، ولا يحمل على حكم الصحيح فيما سوى الضمان ...... ألا ترى أن من باع عبدًا بمائة بيعًا


(١) مغني المحتاج (٢/ ٣١٥)، نهاية المحتاج (٥/ ٢٣١)، إعانة الطالبين (٣/ ١٠١).
وقال النووي في روضة الطالبين (٥/ ١٢٥): «إذا فسد القراض بتخلف بعض الشروط فله ثلاثة أحكام:
أحدها: تنفذ تصرفاته كنفوذها في القراض الصحيح لوجود الإذن كالوكالة الفاسدة.
الثاني: سلامة الربح بكماله للمالك.

الثالث: استحقاق العامل أجرة مثل عمله، سواء كان في المال ربح أم لا، وهذه الأحكام مطردة في صور الفساد، لكن لو قال: قارضتك على أن جميع الربح لي، وقلنا: هو قراض فاسد لا إبضاع ففي استحقاق العامل أجرة المثل وجهان، أصحهما المنع؛ لأنه عمل مجانًا».
وانظر في مذهب الحنابلة: الكافي (٢/ ٢٧١)، المغني (٥/ ٤٢)، مطالب أ ولي النهى (٣/ ٥١٨).
(٢) الهداية شرح البداية (٣/ ٢٠٣)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٦٤٦)، العناية شرح الهداية (٨/ ٤٤٩)، مجمع الضمانات (ص:٣٠٤).
وانظر قول الشافعية في مغني المحتاج (٢/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>