لا خلاف في أن الأصل في المعاملات الإباحة، قال تعالى:{وأحل الله البيع}[البقرة: ٢٧٥] إلا أن هذه المسألة (أعني الإلزام بالوعد) قد قامت الأدلة على منعها كما ذكرنا ذلك مدعومًا بفهم الفقهاء المتقدمين.
[الدليل الثاني]
أن البنك (المصرف) لا يبيع البضاعة إلا بعد تملكها، فربحه فيها يكون قد ربح فيما استقر عليه ضمانه.
[ويجاب]
القول بأن المصرف لا يبيع البضاعة إلا بعد تملكها قول غير صحيح؛ لأن اعتبار البيع لازم بالاتفاق الأول وقبل تملك البضاعة، يجعل الاتفاق الجديد بعد تملك البضاعة صوريًا، لأنه لا أثر له في لزوم البيع، ولا أثر له في قيمة السلعة، وإيجاب وقبول هذا شأنهما، لا قيمة لهما، فإن الإيجاب والقبول من طبيعتهما أنهما يحددان السلعة ويحددان قيمتها، ويعبران عن رضا المتعاقدين، ويكون المشتري بالخيار قبل صدور القبول، وهذا غير موجود في الإيجاب والقبول الحادثين بعد تملك المصرف للبضاعة.
ولذلك اعتبر الشافعي رحمه الله المواعدة على وجه الإلزام بيعًا، فقال في الأم:«إذا أرى الرجل الرجلَ السلعة، فقال: اشتر هذه، وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعًا وإن شاء تركه .... فإن جدداه جاز وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ»(١).