ويتفق كلام الشيخ محمد رشيد رضا مع كلام الإمام أحمد بأن ربا الجاهلية محرم لا نزاع فيه، ولا يتفق معه لا من قريب ولا من بعيد أنه لا يحرم من الربا إلا هذه الصورة فقط، إما أن تقضي وإما أن تربي، ومذهب الإمام أحمد معروف في ربا الفضل وفي ربا النسيئة، مع أن الإمام أحمد لم يقل ابتداء: الربا الذي لا أشك فيه: هو كذا وكذا، وإنما وجه له سؤال: ما هو الربا الذي لا تشك فيه، فذكر أغلظ صور الربا، وهو قلب الدين، وأعجب من الإنسان عندما يريد أن يحتج لقوله فهو يذهب إلى آحاد العلماء، ولو لم يكن كلامه حجة على مخالفيه، ويسوقه في معرض الاستدلال، ويترك الأحاديث المتفق على صحتها في تحريم بيع الذهب بالذهب مع التفاضل أو مع النساء، ولو كان يرويه مثل عمر، وعثمان، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعبادة بن الصامت وغيرهم، ويتهم مخالفيه بأنهم يتعبدون بآراء وأقوال ممن لا تعد آراؤهم وأقوالهم حجة بإجماعهم، وها هو ذا يسوق كلمة الإمام أحمد محتجًا بها مع أن كلمة الإمام أحمد ليس فيها كل ما يريده، وهكذا الإنسان يحتاج إلى أن يكون منصفًا حين الاستدلال، وحين الجواب عن أدلة مخالفيه، وهكذا تجد غالب طلبة العلم إلا من رحم الله حين يتعامل في المسائل الخلافية التي تقع بينه وبين طلبة العلم تجده يَصِم استدلاله بالحجج، والأدلة، والبراهين، واستدلال مخالفيه: بالشبهات، والأوهام، والتقليد ونحوها.
[الترجيح]
أعتقد أن الترجيح في هذه المسألة بين ما هو أقوى، وبين ما هو شاذ، وذلك أن ربا القرض لم يختلف فيه كما اختلف في ربا البيوع، فالقرض بشرط الفائدة لم يقع فيه خلاف بين أهل الفقه أنه محرم بينما ربا البيوع وقع خلاف في ربا الفضل، ووقع خلاف في تلمس العلة في ربا البيوع، وهل هو محصور في