للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما سواها، ولم يقس ما سواها عليها، وهكذا ما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حكم عام بشيء، ثم سن فيه سنة تفارق حكم العام» (١).

وقال أيضًا: «فما مثل هذا في السنة؟ قلت: نهى رسول الله عن بيع التمر بالتمر إلا مثلًا بمثل، وسئل عن الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ فقيل: نعم فنهى عنه، ونهى عن المزابنة وهي كل ما عرف كيله مما فيه الربا من الجنس الواحد بجزاف لا يعرف كيله منه، وهذا كله مجتمع المعاني ورخص أن تباع العرايا بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبًا، فرخصنا بالعرايا بإرخاصه ... فأثبتنا التحريم محرمًا عامًا في كل شيء من صنف واحد مأكول، بعضه جزاف، وبعضه بكيل للمزابنة، وأحللنا العرايا خاصة بإحلاله من الجملة التي حرم، ولم نبطل أحد الخبرين بالآخر، ولم نجعله قياسًا عليه» (٢).

[الوجه الخامس]

أن الشارع لم يأذن بالفاضل المتيقن في العرايا، وإنما سوغ الشارع المساواة بالخرص من أهل الخبرة بالخرص في مقدار قليل تدعو إليه الحاجة، وهو قدر النصاب خمسة أوسق فما دون، والخرص معيار شرعي للتقدير في أمور كثيرة منها الزكاة، بينما أنتم في بيع الحلي بجنسه متفاضلًا قد أذنتم بيقين التفاضل مطلقًا لجميع الناس، وفي القليل والكثير، ومع الحاجة وبدونها، فاختلف حكم المقيس عن حكم المقيس عليه، فلم يصح القياس.


(١) الرسالة (ص: ٥٤٥).
(٢) المرجع السابق (ص: ٥٤٧ - ٥٤٨)، وانظر أقوال العلماء وأدلتهم في حكم القياس على الرخص في المحصول (٢/ ٢/٤٧١)، تقريب الوصول إلى علم الأصول (ص:٣٥١)، والبحر المحيط (٤/ ٥٢)، ونشر البنود (٢/ ١١١)، وشرح تنقيح الفصول (ص: ٤١٥)، وتمهيد الأسنوي (٤٦٣)، والمسودة (ص:٣٥٧)، والمنخول (ص: ٣٨٥)، والمعتمد (٢/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>