أنه لو قوِّم العرض، ثم زادت قيمته بعد العقد، فإذا اشترى بها شركة في الربح فقد حصل ربح ما لم يضمن؛ لأن العروض تتعين عند الشراء بها؛ والمتعين غير مضمون، فالربح عليها يكون ربح ما لم يضمن بخلاف الدراهم والدنانير فعند الشراء بها يجب الثمن في ذمته؛ لأنها لا تتعين بالتعيين، فما يحصل له بذلك من ربح فهو من ربح ما ضمن.
وسوف أجيب على هذا الدليل من خلال أدلة القول الثاني.
[الدليل الثالث]
الأصل في عقد المضاربة أنه من عقود الغرر؛ لأنه إجارة بأجر مجهول، إذ العامل لا يدري هل يربح أو لا؟ وعلى تقدير الربح، كم مقداره؟ وكذلك رب المال لا يدري، هل يربح أم لا وهل يرجع إليه رأس ماله أم لا؟ فكان ذلك غررًا من هذه الوجوه إلا أن الشارع جوزه للضرورة إليه ولحاجة الناس إلى التعامل به، فيجب أن يجوز منه مقدار ما جوزه الشارع، وهو النقد المضروب وما في حكمه من نقار الذهب والفضة (١).
[ويناقش هذا]
بأن هناك فرقًا بين الإجارة والمضاربة من وجوه كثيرة سبق بيانها، فالإجارة من العقود اللازمة، والمضاربة من العقود الجائزة، ويستحق الأجير أجرته مطلقًا، سواء خسر رب المال أو ربح بخلاف المضاربة، فالعامل لا يستحق الربح إلا إذا وجد، فالصحيح أن عقد المضاربة من عقود المشاركات بخلاف