يقول الشيخ عبد الله بن منيع:«إذا قلنا: إن عقود التوريد عقود مستجدة فيجب أن يكون في تصورها ما يقتضي اعتبارها كذلك، أما أن تكون هي صورًا لتعامل موجود مثله فيما ذكره الفقهاء السابقون، وذكروا أحكامه فكيف نعتبره تعاملًا جديدًا على سبيل التحكم والدعوى، حيث إن السلع المستوردة لا يخلو أمرها إما أن تكون موجودة أو معدومة، وفقهاؤنا السابقون رحمهم الله ذكروا أحكام البيوع على أعيان موصوفة موجودة غائبة، أو على أعيان معدومة وقت العقد، ذكروا هذا وذكروا هذا، فإذن لا يتصور أن يقال: بأن هذه من العقود المستحدثة التي يجب أن نأخذ بها على الأصل، في أن الأصل في العقود أو في المعاملات الإباحة .... »(١).
وعلى فرض أن تكون عقودًا مستحدثة فإنه لا يجوز في العقود المستحدثة أن تخالف القواعد المتفق عليها في المعاملات المالية، فلا يجوز أن يكون العوضان في الذمة إلا بتقديم أحدهما، أو يكون أحدهما قد دخله مع البيع إجارة في الذمة، فيجوز حينئذ كما بينا سابقا، والله أعلم.
وقد ذهبت إلى جواز تأخير العوضين وإن كان المبيع موصوفًا في الذمة بشرط أن يدخل البيع عمل مقصود، من ذلك أن يقوم المورد بجلب البضاعة وشحنها إلى المستورد.
فلا يكون العقد بيعًا محضًا، وإنما هو بيع وإجارة.
فالعمل من البائع تارة يكون على سبيل الاستصناع، والبائع يكون صانعًا. وهذا لا إشكال فيه في تأخير العوضين بناء على مذهب الحنفية.
(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني عشر (٢/ ٥٥٩).