للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الأول]

ذهب الحنفية والمالكية إلى جواز بيع المغيبات في الأرض على خلاف بينهم في شروط الجواز.

فذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى جواز بيع المغيبات في الأرض إن علم وجوده، ويكون مشتريًا شيئًا لم يره.

إلا أن أبا حنيفة يثبت للمشتري الخيار مطلقًا ما لم ير الكل ويرض به، سواء كان يباع كيلًا، أو وزنًا، أو عددًا.

وذهب صاحباه إلى أن المبيع إن كان مما يكال، أو يوزن بعد القطع كالجزر والثوم والبصل، وقلع المشتري بعضه بإذن البائع، أو قلعه البائع، فإن رضي بالمقلوع لزمه البيع بالباقي (١)؛ لأن الرضا ببعض المكيل بعد رؤيته رضا بالكل؛ لأن رؤية بعضه تدل على الباقي.

وإن كان المغيب يباع بعد القلع عددًا، كالسلق والفجل لا يلزمه المبيع ما لم ير الكل، ويرض به؛ لأن رؤية البعض منه لا تفيد العلم بحال الباقي؛ للتفاوت الفاحش بين الصغير والكبير من هذا الجنس، فلا يحصل المقصود برؤية البعض، فيبقى على خياره (٢).


(١) المقصود لزمه البيع بالباقي، إذا كان الباقي لم يختلف في صفته عن المقلوع، كما قاله ابن عابدين في حاشيته (٥/ ٥٢)، وفي تنقيح الفتاوى الحامدية (١/ ٢٤٠).
(٢) البحر الرائق (٥/ ٣٢٦)، بدائع الصنائع (٥/ ٢٩٧ - ٢٩٨)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٧)، فتح القدير (٦/ ٣٤٥)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٥٢)، تنقيح الفتاوى الحامدية - ابن عابدين (١/ ٢٤٠).
وجاء في درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ١٥٧): «إذا كان المبيع مغيبًا تحت الأرض كالجزر، والسلجم، والبصل، والثوم، والفجل، بعد النبات (يقصد بعد الإنبات) إن علم وجوده تحت الأرض جاز، وإلا فلا، فإذا باعه ثم قلع منه نموذجًا، ورضي به، فإن كان مما يباع كيلًا كالبصل، أو وزنًا، كالثوم، والجزر، بطل خياره عندهما، وعليه الفتوى للحاجة، وجريان التعامل به. وعند أبي حنيفة لا يبطل وإن كان مما يباع عددًا كالفجل ونحوه فرؤية بعضه لا تسقط خياره».

<<  <  ج: ص:  >  >>