للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثالث]

أن معنى الحديث كما قال الشافعي: ما الحزم والاحتياط لمسلم يبيت ليلتين إلا أن تكون وصيته مكتوبة؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت، خاصة أن الأصل في الوصية أنها من أعمال البر يتصدق بها المرء على نفسه، فكان من الحزم المبادرة في كتابتها خشية فجأة الموت، وليس هذا خاصًا في الوصية، بل مطلوب في كل أعمال البر (١).

(ح-١٠١٢) فقد روى البخاري من حديث عن عقبة، قال:

صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة العصر، فسلم، ثم قام مسرعًا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم عجبوا من سرعته، فقال: ذكرت شيئًا من تبر عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته (٢).

[الوجه الرابع]

أن الحديث لو فرضنا أن ظاهره يدل على الوجوب فهو محمول على الوصية بالحقوق الواجبة على الإنسان، كأن يكون عليه دين، أو يكون عنده ودائع ولا طريق لثبوتها إلا من جهته، فتكون الوصية واجبة عليه؛ لتوقف أداء الواجبات على الوصية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (٣).


= في السنن (٦/ ٢٧١) من طريق عمرو بن الحارث كلاهما، عن ابن شهاب به، بلفظ: (له شيء يوصي فيه).
(١). انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ٧٥)، مرقاة المفاتيح (٥/ ٢٠٣٥)، تحفة الأحوذي (٤/ ٤٢)
(٢). البخاري (٨٥١).
(٣). انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الإحكام (٢/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>