للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني]

أن البيع مفسوخ ما لم يفت، وهو رواية ثانية عن مالك، وقد أنكر بعض أصحاب مالك هذه الرواية عنه (١).

قال ابن عبد البر: «أنكر ابن الماجشون ذلك - يعني فسخ البيع ما لم يفت- أن يكون قاله مالك في البيع، وإنما قال ذلك في نكاح الذي يخطب على خطبة أخيه ... » (٢).

وجاء في الفواكه الدواني: «ولمالك قولان في النهي، هل على الكراهة، أو الحرمة. والفسخ على الثاني دون الأول. والمعتمد الحرمة .. » (٣).

[وجه قول من قال: يفسخ البيع ما لم تفت السلعة]

هذا هو أصل مذهب مالك في البيع الفاسد، أن البيع الفاسد يجب فسخه، إلا أن تفوت السلعة، فإن فاتت مضى البيع، ووجب عليه القيمة.

جاء في منح الجليل: «البيع الفاسد يثبت شبهة الملك فيما يقبله فإذا لحقه أحد أربعة أشياء تقرر الملك بالقيمة، وهي حوالة السوق - أي تغيره- وتلف


(١) التمهيد (١٣/ ٣١٧)، و (١٨/ ١٩١)، وقد قال ابن عبد البر رحمه الله (١٣/ ٣١٨): «ولا خلاف عن الشافعي، وأبي حنيفة، في أن هذا العقد صحيح، وإن كره له ما فعل، وعليه جمهور العلماء، ولا خلاف بينهم في كراهية بيع الرجل على بيع أخيه المسلم، وسومه على سوم أخيه المسلم، ولم أعلم أحدًا منهم فسخ بيع من فعل ذلك إلا ما ذكرت لك عن بعض أصحاب مالك، ورووه أيضًا عن مالك، وأما غيره فلا يفسخ البيع عنده ... ».
وهذا يدل على أن ابن عبد البر لم يقف على رأي الحنابلة، أو أن إبطال العقد عند الحنابلة لم يكن إلا للمتأخرين منهم، والله أعلم.
(٢) الاستذكار (٢١/ ٦٨).
(٣) الفواكه الدواني (٢/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>