بعض، توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات، أما إذا وقع الترجيح لبعضها بأن تكون رواتها أكثر عددًا، أو أتقن حفظًا، فيتعين العمل بالراجح؛ إذ الأضعف لا يكون مانعًا من العمل بالأقوى، والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح ... » (١).
[وأما الجواب بأن الرسول لم يرد حقيقة البيع]
فنقول: نعم، وهذه كانت نية مبيتة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبدها لجابر إلا عند وصوله إلى المدينة، وجابر قد اعتقد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يريد حقيقة الشراء، وعامله بهذه النية، فكانت صورة البيع صورة مشروعة، تمت فيها أركان البيع وشروطه، وكانت المساومة بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجابر محفوظة في هذا الحديث، ولو كانت الصورة باطلة لبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الطريقة التي تم فيها البيع كانت صورة باطلة، ليحيط علم جابر ببطلان مثل هذا الشرط في شريعة الله، وليبلغ الأمة حتى لا تعتد بمثل هذا الشرط، فلما لم يبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - لجابر أن الشرط باطل، ولما لم يعلل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رد الجمل بسبب أن الشرط باطل، علم أن الشرط صحيح، وإنما رده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبب آخر، وهو إرادة النفع لجابر رضي الله عنه.
[الدليل الثالث]
إذا كان استثناء جزء معلوم من المبيع كما لو باع بستانه إلا شجرة واحدة معلومة يجوز بالاتفاق، فكذلك استثناء منفعة معلومة مدة معلومة من هذا الباب، فالفرق أن هذا استثناء عين، وتلك استثناء منفعة، وهذا الفارق غير مؤثر في الحكم.
قال النووي: «لو قال: بعتك هذه الأشجار إلا هذه الشجرة، أو هذه الشجرة