للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبعته المادة، وكان العقد مقاولة، وإذا كانت المادة هي الأصل تبعها العمل، وكان العقد بيعًا.

يتضح ذلك بالمثال:

فالرسام الذي يتعهد بالرسم على أن يكون منه القماش والورق والألوان التي يرسم بها، فالعقد عقد مقاولة؛ لأن هذه الخامات أقل بكثير من قيمة عمل الرسام.

وأما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة، فالعقد بيع. وهذا ما رجحه السنهوري (١).

[القول الرابع]

أنه مقاولة ابتداء، وبيع انتهاء. اختار هذا بعض الحنفية (٢).

[الراجح]

أقوى الأقوال أن العقد وارد على العمل، والمواد تابعة له، والعقد بهذا التوصيف يحل لنا إشكالًا فقهيًا، كيف جاز عقد الاستصناع مع كون العقد من قبيل بيع الدين بالدين، حيث إن المبيع ـ وهو العمل ـ واجب في ذمة المقاول، والثمن إذا لم يسلمه المشتري وكان نقدًا فإنه يكون دينًا في ذمة المشتري، فيكون عقد الاستصناع من قبيل بيع الدين بالدين؟

وللجواب على ذلك يقال: لما كان العقد واردًا على العمل فقد أجاز الحنابلة والحنفية كما سيأتي عدم تسليم الثمن في الإجارة المعقودة في الذمة حتى يسلم العمل، وهذا أحد الأحكام التي تخالف فيها الإجارة حكم البيع، والله أعلم. وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.

* * *


(١) الوسيط (٧/ ١/٢٦ - ٢٧).
(٢) البحر الرائق (٦/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>