يترتب على عقد البيع أن يكون العقد ملزمًا للعاقدين، فلا يستطيع أحد العاقدين بمفرده التحلل من قيده، ما لم يتفقا على الإقالة، ويكتسب العقد صفة اللزوم إما بمجرد تمام العقد بتطابق الإيجاب والقبول، كما هو مذهب الحنفية والمالكية، أو بعد انقضاء مجلس العقد كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، وقد بحثت هذه المسألة في مبحث مستقل عند الكلام على الخيار، ولله الحمد.
وفور اكتساب العقد صفة اللزوم فإن ملك المبيع ينتقل إلى المشتري، وملك الثمن ينتقل إلى البائع، ويكون البائع مطالبًا بتسليم المبيع إلى المشتري، كما أن المشتري يكون مطالبًا بتسليم الثمن إلى البائع؛ لأن تسليم البدلين واجب على العاقدين لتحقق الملك لكل منهما في البدلين.
والبحث هنا: متى يحق للبائع حبس المبيع إلى أن يستلم الثمن؟
[م - ٢٢٥] من العلماء من بنى هذه المسألة على مسألة أخرى، وهو من المطالب أولًا بتسليم ما وجب عليه بسبب العقد، هل يطالب البائع أن يسلم أولًا، أو يطالب المشتري أن يسلم أولًا، فمن قال: إن المطالب بالتسليم أولًا هو البائع، فمعنى هذا أن البائع ليس له حق في حبس المبيع، ومن قال: إن المطالب بالتسليم هو المشتري أولًا، كان للبائع حق حبس المبيع حتى يستلم الثمن.
ومن العلماء من خالف في ذلك، فقال: بحث مسألة التسليم أولًا فيما إذا كان كل من البائع والمشتري مستعدًا لبذل ما عليه، ولا يخاف فوت ما عند صاحبه، أما إذا خاف البائع أو المشتري من تعذر أخذ العوض، فله حبس ما عنده.
يقول النووي رحمه الله: «أمر مهم، وهو أن طائفة توهمت أن الخلاف في الابتداء