للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

في خلاف العلماء في مالية الديون

قال ابن رجب: الواجبات المالية منقسمة إلى دين وعين (١).

وقال ابن الهمام: الدين مال حكمًا لا حقيقة (٢).

[م - ١٣] عرفنا فيما سبق الخلاف في مالية المنافع، ونريد أن نعرف الآن خلاف العلماء في مالية الديون، فهل يعتبر ما ثبت في ذمة الإنسان مالًا حال كونه في الذمة؟

وللجواب على هذا نقول:

«لا خلاف بين الفقهاء في أن الحق الواجب في الذمة إذا لم يكن ماليًا، فإنه لا يعتبر مالًا، ولا يترتب عليه شيء من أحكامه» (٣).

وأما إذا كان الدين الشاغل للذمة ماليًا، فقد اختلف الفقهاء في اعتباره مالًا حقيقة حال كونه دينًا على قولين:

[القول الأول]

الدين لا يعتبر مالًا حقيقة، وإنما يعتبر مالًا حكمًا باعتبار أنه يتحول إلى المال بالاستيفاء، وهو مذهب الحنفية (٤)، والقديم من قولي الشافعي


(١) القواعد لابن رجب، القاعدة الثانية والأربعين (ص: ٥٣).
(٢) فتح القدير (٦/ ٤٩٢).
(٣) الموسوعة الكويتية (٣٦/ ٣٣)، قضايا فقهية مالية معاصرة - نزيه حماد (ص: ٣٦).
(٤) الحنفية تارة يعتبرون الدين مالًا، وتارة لا يعتبرونه كذلك، ففي باب النكاح اعتبروا الدين مالًا، فلو تزوج امرأة بعشرة دراهم، دينًا له على فلان، صحت التسمية، وعللوا ذلك بأن الدين مال، وأدخلوه تحت قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم} ولم يجعلوا الدين مالًا في باب الزكاة، والأيمان، فلو حلف أنه لا مال له، وله دين على موسر، لا يحنث.
انظر البحر الرائق (٣/ ١٥٢)، (٤/ ٤٠٤)، المبسوط (٩/ ١٤)، تبيين الحقائق (٣/ ١٥٨ - ١٥٩، ١٦٣)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>