للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن علم التحريم وجهل المرتب عليه لم يعذر.

ولهذا لو جهل تحريم الكلام في الصلاة عذر ولو علم التحريم وجهل الإبطال بطلت ... » (١).

قلت: يشهد لهذا حديث الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان، فإنه كان عالمًا بالتحريم، لقوله «هلكت يا رسول الله»، ولم يكن عالمًا بما يترتب عليه، ولذلك سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا عليه، ووجبت عليه الكفارة، ولم يعذر بجهله في الحكم المترتب على الفعل (٢).

[التنبيه الرابع]

الفرق بين فعل المأمور، وترك المحظور، فمن وقع جهله في حقوق الله تعالى، وكان بترك مأمور لم يسقط، بل يجب تداركه ما دام يمكنه ذلك، وإن وقع في فعل منهي عنه سقط عنه.

قال الزركشي «فالجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى المنهيات دون المأمورات، والأصل فيه حديث معاوية بن الحكم لما تكلم في الصلاة، ولم يؤمر بالإعادة لجهله بالنهي.

وحديث يعلى بن أمية حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بنزع الجبة عن المحرم، ولم يأمره بالفدية لجهله .... والفرق بينهما من جهة المعنى: أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها وذلك إنما يكون


(١) ويشهد له حديث معاوية بن الحكم، حيث تكلم في الصلاة جاهلًا ولم يأمره بالإعادة، والحديث في مسلم (٥٣٧).
(٢) انظر الحديث في البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١) من مسند أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>