المراد من تغير عقله وإن لم يذهب بالكلية، وهي طريقة ابن رشد، وعليه أكثر المالكية.
نقل الباجي عن القاضي أبي الوليد أنه قال:« ... والذي عندي في هذا: أن السكران المذكور لا يذهب عقله جملة وإنما يتعين مع صحة قصده إلى ما يقصده .... وإنما تكلم الفقهاء على المعتاد من سكر الخمر؛ لأن سكر الخمر ليس بمنزلة الجنون الذي يذهب العقل جملة وإنما يتغير العقل تغييرًا يجترئ به على معان لا يجترئ عليها صاحيًا كالسفيه، ولو علم أنه بلغ حد الإغماء لما اقتص منه، ولا لزمه طلاق ولا غيره كسائر من أغمي عليه .... »(١).
إذا علم ذلك فالذي يظهر من كلامهم أن السكران الذي لا تمييز عنده كالمجنون اتفاقًا. وقد نص ابن رشد والباجي: أنه إن لم يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فكالمجنون اتفاقًا.
واستدلوا على هذا بأن الله سبحانه وتعالى خاطب السكران بقوله:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى}[النساء: ٤٣]
فلو كان المقصود بالسكران من ذهب عقله بالكلية لكان بمعنى المجنون، وبالتالي لا يصح أن يوجه له أمر ونهي، فكيف ينهى عن قربان الصلاة، ولكن المقصود بالسكران هو الذي يفهم ما يأتي ويذر غير أن الشراب قد أثقل لسانه، وأجزاء جسمه، وأخدرها حتى عجز عن إقامة قراءته في صلاته وحدودها الواجبة عليه فيها من غير زوال عقله، فهو بما أمر به ونهي عنه عارف فهم، وعن