كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة

دليل من قال: لا يصح اشتراط خيار الرؤية. - الدليل الثالث - ج: 6 - ص: 351

[الدليل الثالث]

النهي عن بيع المنابذة، والملامسة.

(ح-٤٣٥) فقد روى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة (١).

[وجه الاستدلال]

نهى الحديث عن بيع الملامسة والمنابذة، وهما بيع للسلعة بمجرد اللمس والنبذ، دون رؤية أو تقليب، فدل على وجوب رؤية المبيع.

[واعترض على هذا الاستدلال]

بأن النهي ليس لعدم رؤية المبيع؛ لأن هذا البيع إنما هو بيع عين حاضرة، وليس من بيع الغائب بشيء، وإنما هذه بيوع كانت في الجاهلية لازمة للمتعاقدين بمجرد اللمس والنبذ، فهو نوع من بيوع القمار، وقد فسره راوي الحديث، وتفسيره أولى بالقبول

(ح-٤٣٦) فقد روى البخاري من طريق عقيل، عن ابن شهاب، قال: اخبرني عامر بن سعد.

أن أبا سعيد رضي الله عنه أخبره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المنابذة، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه، أو ينظر إليه، ونهى عن الملامسة، والملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه (٢).

ليس في ثبوت خيار الرؤية نص من خبر أو أثر يمكن الاحتجاج به، خاصة إذا قلنا: إن خيار الرؤية يثبت بحكم الشرع دون حاجة إلى اشتراط، فيعني هذا أن تكون نصوص الشريعة صحيحة صريحة في ثبوته، ولكن اشتراط خيار الرؤية في

---

(١) صحيح البخاري (٢١٤٦)، ومسلم (١٥١١).
(٢) صحيح البخاري (٢١٤٤)، ومسلم (١٥١٢).