للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمثمن، فهذا الشأن في كل خيار، حتى في خيار الشرط المجمع على القول به، فإن لكل واحد من المتعاقدين زمن الخيار إمضاء العقد وفسخه، ولا يقدح ذلك في صحة العقد، والله أعلم.

[الدليل العاشر]

(ح-٣٩٧) ما رواه أحمد من طريق ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،

عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا، إلا أن يكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله (١).

[الحديث صحيح إلا قوله: ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله، فقد تفرد بها عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده] (٢).


(١) المسند (٢/ ١٨٣).
(٢) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ١٨): «قوله: (لا يحل له) لفظة منكرة، فإن صحت فليست على ظاهرها، لإجماع المسلمين أنه جائز له أن يفارقه لينفذ بيعه، ولا يقيله إلا أن يشاء، وفيما أجمعوا عليه من ذلك رد لرواية من روى: (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) فإن لم يكن وجه هذا الخبر الندب، وإلا فهو باطل بإجماع».
وقال أيضًا (١٤/ ١٦): «حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله، فإن هذا معناه إن صح على الندب .... وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما، وهو الذي روى حديث: البيعان بالخيار ما لم يفترقا إذا بايع أحدًا، وأحب أن ينفذ البيع مشى قليلًا، ثم رجع. ولو منع أحد العاقدين من التفرق حتى يقوم الآخر لكان في ذلك إضرار به ومفسدة راجحة».
قلت: لست أرد ما زاده عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في هذا الحديث من جهة نكارة المتن، كما فعل ابن عبد البر رحمه الله تعالى، فإن المتن قد يستقيم، فإنه قد يحمل على أنه من باب تحريم الحيل لإسقاط حقوق الآخرين، فلو فارقه ليس خوفًا من الإقالة، وإنما فارقه لحاجة، لم يكن حرامًا عليه، ولكني أرده من جهة الإسناد، فلست ممن يرى الاحتجاج فيما يتفرد به عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده على غيره، وأين أحاديث الصحيحين وغيرها من الأحاديث الصحيحة ممن حفظت لنا خيار المتبايعين (خيار =

<<  <  ج: ص:  >  >>