[م-٩٠٧] في المسألة السابقة ناقشنا حكم إجارة الأرض بطعام معين معلوم من غير الخارج منها، وفي هذه المسألة نبحث حكم إجارتها بطعام معلوم في ذمة المكتري من جنس ما يزرع فيها إذا لم يشترط أن يكون مما يخرج منها، كإجارتها بمائة صاع من حنطة أو شعير، ويكون الزرع من جنس ذلك العوض المتفق عليه، فقد اختلف فيه الفقهاء على قولين:
فقيل: يجوز، وهو قول الجمهور.
وقيل: لا يجوز، وهو قول مالك، ورواية عن الإمام أحمد.
وقد سبق لنا أن مالكًا لا يفرق في المنع بين كون الأجرة طعامًا من جنس ما يخرج من الأرض أو من غيره، وسواء كان مما تنبت الأرض أو مما لا تنبت كاللحم والعسل.
قال ابن قدامة: «إجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها كإجارتها بقفزان حنطة لزرعها فقال أبو الخطاب: فيها روايتان:
إحداهما: المنع. وهي التي ذكرها القاضي مذهبًا وهي قول مالك ; لما تقدم من الأحاديث؛ ولأنها ذريعة إلى المزارعة عليها بشيء معلوم من الخارج منها؛ لأنه يجعل مكان قوله زارعتك آجرتك فتصير مزارعة بلفظ الإجارة والذرائع معتبرة.
والثانية: جواز ذلك. اختارها أبو الخطاب. وهو قول أبي حنيفة