للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الأول

حكم بيع شعر الميتة

[م - ٢٧١] اختلف العلماء في طهارة شعر الميتة، ووبرها، وصوفها، هل هو نجس، أم طاهر؟

وقد سبق بحث هذه المسألة في كتابي موسوعة أحكام الطهارة، وبناء عليه اختلفوا في حكم بيع ذلك منه على أربعة أقوال:

[القول الأول]

يجوز بيع شعر الميتة، ووبرها، وصوفها من كل حيوان إلا شعر الخنزير، وهذا مذهب الحنفية (١)،

واختاره أصبغ من المالكية (٢).

[القول الثاني]

شعر الميتة نجس مطلقًا، سواء كان من حيوان مأكول أو غير مأكول، وإذا كان نجسًا لم يصح بيعه، وهذا مذهب الشافعية (٣).

[القول الثالث]

يجوز بيع شعر الميتة مطلقًا، وهو اختيار ابن القاسم من المالكية (٤)،

ورجحه


(١) انظر في مذهب الحنفية: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٦٣) و (٣/ ٣٣)، بدائع الصنائع (٥/ ١٤٢)، البحر الرائق (٦/ ٨٨).

قال في الفتاوى الهندية (٣/ ١١٥): «ولا يجوز بيع شعر الخنزير .. ». وانظر أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٧٤ - ١٧٥)، مجمع الأنهر (٢/ ٥٨)، تبيين الحقائق (٤/ ٥٠ - ٥١).
(٢) مواهب الجليل (٤/ ٢٦٢).
(٣) المجموع (٩/ ٥٩٠)، روضة الطالبين (١/ ٤٤)، وانظر الأم (١/ ٩).
(٤) اختار ابن القاسم طهارة شعر الميتة مطلقًا حتى شعر الخنزير. انظر الفواكه الدواني (٢/ ٢٨٧)، مواهب الجليل (٤/ ٢٦٢)، الكافي لابن عبد البر (ص: ٣٢٨)، الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص: ٤٠٣)، الفواكه الدواني (٢/ ٢٨٧).
ورجح ابن رشد والحطاب قول ابن القاسم، وجعلا قوله جاريًا على أصل مالك فقال ابن رشد في البيان والتحصيل (٨/ ٤٧): «قول ابن القاسم هو الصحيح في القياس على أصل مذهب مالك، في أن الشعر لا تحله الروح، ويجوز أخذه من الحي والميت .... ».
وذكر مثله الحطاب في مواهب الجليل (٤/ ٢٦٢).
وخالف في ذلك ابن عبد البر، فقال في الكافي (ص: ٣٢٨): «وشعر الخنزير جائز الانتفاع به، واختلف أصحاب مالك في بيعه، فأجازه ابن القاسم قياسًا على صوف الميتة، وكرهه أكثرهم، وهو قول أصبغ؛ لأنه محرم عينه، وليس بطاهر قبل موته، فيشبه الصوف؛ لأن الخنزير محرم حيًا وميتًا، وجلد الخنزير لا يطهر بالدبغ، ولا تعمل فيه الذكاة، ولا يحل بيعه بحال، هذا قول مالك وتحصيل مذهبه ..... وسئل مالك عن بيع الشعر الذي يحلق من رؤوس الناس، فكرهه، وهو بيع شعر، وشعر الخنزير أشد كراهية .. ».

فقول ابن عبد البر: هذا قول مالك، وتحصيل مذهبه يخالف ما قاله ابن رشد، والحطاب، ونقلناه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>