مكان واحد، لأنه قد يكون مكان أحدهما غير مكان الآخر كما مر علينا في البيع عن طريق المكاتبة أو المراسلة، وإنما المراد باتحاد المجلس: الوقت الذي يكون فيه المتعاقدان مشتغلين فيه بالتعاقد.
فمجلس العقد: هو الحال التي يكون فيها المتعاقدان مقبلين على التفاوض في العقد، ما لم يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل أجنبي يعتبر إبطالًا للإيجاب، كرجوع الموجب عن إيجابه قبل القبول، أو إعراض القابل عن هذا الإيجاب باشتغاله بشيء آخر غير العقد، فإذا لم يوجد شيء من ذلك صح القبول الصادر منه مهما طال الوقت.
وبناء عليه يكون اتحاد المجلس في العقد عن طريق الهاتف: هو زمن الاتصال، فما دامت المحادثة في شأن العقد قائمة اعتبر المجلس قائمًا، وإذا انتقلا إلى حديث آخر اعتبر المجلس منتهيًا (١).
[المسألة الثانية]
هل يثبت خيار ما يسمى (خيار المجلس) في البيع بالهاتف عند القائلين به، وهما الشافعية والحنابلة، وإذا قلنا بثبوته فكيف نكيفه؟
قال النووي: «لو تناديا، وهما متباعدان، وتبايعا صح البيع، وأما الخيار:
فقال إمام الحرمين: يحتمل أن يقال: لا خيار لهما؛ لأن التفرق الطارئ يقطع الخيار، فالمقارن يمنع ثبوته.
قال: ويحتمل أن يقال: يثبت ما داما في موضعهما، فإذا فارق أحدهما موضعه بطل خياره، وهل يبطل خيار الآخر أم يدوم إلى أن يفارق مكانه، فيه
(١) انظر المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي (ص: ٤٢٣)، المدخل الفقهي العام - مصطفى الزرقاء (فقرة: ١٧١).