للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتين والزبيب، وشبه ذلك. وقال: قال ابن زيد فيما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون من أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة معناه في المدينة، إذ لا يكون الاحتكار أبدًا إلا مضرًا بأهلها، لقلة الطعام بها، فعلى قولهم: هم متفقون على أن علة المنع من الاحتكار تغلية الأسعار، وإنما اختلفوا في جوازه لاختلافهم باجتهادهم في وجود العلة وعدمها» (١).

والراجح: أن الاحتكار لا يمنع إلا في حال كان مضرًا بالناس، فإن لم يكن مضرًا فإنه ربما كان مطلوبًا، وهذا ما صنعه يوسف عليه الصلاة والسلام في أهل مصر، وجنب البلد شر مجاعة لو وقعت أتت على الأخضر واليابس، وذلك بالادخار زمن الرخاء.

قال تعالى: {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف:٤٧،٤٨،٤٩].

فقوله: {فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ} [يوسف:٤٧] إشارة إلى ادخاره لأكله في وقت السبع الشداد، ولذلك قال سبحانه {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} [يوسف: ٤٨] قال القرطبي: أي ما ادخرتم لأجلهن ... وقال أيضًا: «وهو يدل على جواز احتكار الطعام إلى وقت الحاجة» (٢).

وقال ابن حزم: «والمحتكر في وقت رخاء ليس آثما بل هو محسن; لأن الجلاب إذا أسرعوا البيع أكثروا الجلب وإذا بارت سلعتهم، ولم يجدوا لها


(١) البيان والتحصيل (١٧/ ٢٨٤ - ٢٨٥)، وانظر المنتقى للباجي (٥/ ١٦).
(٢) تفسير القرطبي (٩/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>