للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° دليل من قال: لا بد من الإشهاد:

[الدليل الأول]

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُم} [المائدة: ١٠٦].

[ونوقش هذا]

لا يلزم من ذكر الإشهاد في الآية أنها لا تصح الوصية إلا به، فالآية تدل على ثبوت الوصية عن طريق الإشهاد، وهذا لا نزاع فيه، ولكنها لا تدل على أنها لا تثبت إلا بالإشهاد، وهو محل النزاع.

[وقد اختلف القائلون بوجوب الإشهاد في كيفيته]

فقالت المالكية: إذا كتب الوصية، وقرأها على الشهود فلا تنفذ حتى يقول لهم: اشهدوا بأن هذه وصيتي، أو يقول: أنفذوها، وإذا كتبها، ثم ختمها، ثم أشهدهم على أن هذه وصيته، ولو لم يطلع الشهود على مضمونها، صحت الوصية، إن عرف أن الخاتم لم يفض، أو أقرها الموصي في يد غيره، ولم يسترده، فإن استرده كان هذا رجوعًا منه (١).


(١). البيان والتحصيل (١٣/ ٧٤)، شرح الخرشي (٨/ ١٧٣)، الفواكه الدواني (٢/ ١٣٣)، الشرح الصغير (٤/ ٦٠١، ٥٨٨)، منح الجليل (٩/ ٥٢٠، ٥٧٣ - ٥٧٤).
وجاء في المدونة: (٦/ ١٣): «قال ابن القاسم: قلت لمالك: الرجل يوصي عند سفره، وعند مرضه، فيكتب وصيته ويضعها على يد رجل، ثم يقدم من سفره، أو يبرأ من مرضه، فيقبضها ممن هي عنده، فيهلك، فتوجد الوصية بحالها، أو تقوم عليه البينة أنها هي، أترى أن تنفذ؟
قال: لا، وكيف تجوز، وهي في يده قد أخذها؟ فلعله أن يكون إنما أخذها ليؤامر نفسه فيها، وليس ممن يريد أن يجيز وصيته بأخذها ويجعلها على يدي نفسه، وإنما تنفذ إذا جعلها على يدي رجل.
قلت: أرأيت إن كتب وصيته وهو مريض، فأقرها عند نفسه وأشهد عليها ثم مات، أتجوز هذه الوصية في قول مالك؟ قال: نعم».

<<  <  ج: ص:  >  >>