[هذا أثر مقطوع، ولعل استمرار هذه الأوقاف من عهد الصحابة إلى عهد الحميدي يغني عن الإسناد].
[اعتراض وجوابه]
قال العيني:«أما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنما جاز؛ لأن المانع وقوعه حبسًا عن فرائض الله، ووقفه عليه الصلاة والسلام لم يقع حبسًا عن فرائض الله تعالى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة. وأما وقف الصحابة بعد موته فاحتمل أن ورثتهم أمضوها بالإجازة، هذا هو الظاهر»(١).
[ويجاب عن ذلك من وجوه]
الأول: القول بأنه يحتمل أن يكون الورثة قد أمضوه بعد الموت، لو كان هذا الاحتمال صحيحًا لنقلت إلينا هذه الإجازة؛ لدواعي ذلك، ولكثرة الصحابة الذين أوقفوا في حياتهم وبعد مماتهم.
الثاني: رد النصوص الصريحة بالاحتمال يؤدي إلى إبطال النصوص، فمن رد النص بدعوى، فليثبت هذه الدعوى، فإذا لم يستطع علم أن هذه الدعوى غير صحيحة.
الثالث: لقد ترك عمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم - بعد وفاتهم أبناء صغارًا، فلو كان الحبس غير جائز لما حل ترك أنصباء الصغار تمضي حبسًا.
الرابع: لو علم الصحابة أن الوقف لا ينفذ إلا بالإجازة من قبل الورثة لأخرجوا الوقف مخرج الوصية، ولما تصرفوا بالغلة حال حياتهم، ولكنهم علموا صحة الوقف فعملوا به.