هذا البيع هو الحصول على التمر الجيد، فهذا القصد لا يقدح في صحة البيع ما دام أنه قد اشترى التمر الجيد من رجل آخر غير الذي اشترى منه التمر الرديء. وهذا كالنص في الموضوع، فإن المتورق يشتري السلعة وهو لا يريد السلعة، وإنما قصده الدراهم، وهذا لا يقدح في صحة البيع، ثم يبيع السلعة على رجل آخر غير الرجل الذي باع عليه السلعة، فمن أراد أن يفرق بين الصورتين فسيتكلف الفرق.
[الدليل الرابع]
التورق يدل على جوازه القياس الصحيح، فقد جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله:«سئل عن رجل عنده فرس، شراه بمائة وثمانين درهمًا، فطلبه منه إنسان بثلاثمائة درهم إلى مدة ثلاثة شهور، فهل يحل ذلك؟ فأجاب: الحمد لله، إن كان الذي يشتريه لينتفع به، أو يتجر به، فلا بأس في بيعه إلى أجل ... وأما إذا كان محتاجًا إلى دراهم، فاشتراه ليبيعه في الحال، ويأخذ ثمنه، فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء»(١).
فهل يجوز للتاجر أن يشتري السلعة بثمن مؤجل، ويبيعها من أجل تكثير الدراهم، لا من أجل حاجته، ولا من أجل السلعة، ولا يجوز للمحتاج أن يشتريها ليبيعها ويقضي بها حاجته، أليس كل من التاجر والمحتاج قد اشترى السلعة من أجل الدراهم، ولكن هذا من أجل المكاثرة، وهذا من أجل دفع الحاجة.
[الدليل الخامس]
مسيس الحاجة إلى هذه المعاملة، فإن المسلم قد تشتد حاجته إلى النقد، ولا يجد من يقرضه بدون ربا، وهذه المعاملة ليس فيها مفسدة الربا، فالبائع يبيعه