للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا جنى أحد جناية قتل غير عمد، بحيث يكون موجبها الأصلي الدية، وليس القصاص، فإن دية النفس توزع على أفراد عاقلته الذين يحصل بينه وبينهم التناصر عادة، وهم الرجال البالغون من أهله وعشيرته، والغاية من هذا التشريع حكم منها:

أولًا: تخفيف أثر المصيبة عن الجاني المخطئ.

ثانيًا: صيانة دماء ضحايا الخطأ أن تذهب هدرًا؛ لأن الجاني المخطئ قد يكون فقيرًا، لا يستطيع التأدية، فتضيع الدية.

[ووجه الشبه بين عقد التأمين ونظام العاقلة]

هو في تخفيف أثر المصيبة عن المصاب عن طريق توزيع العبء المالي على جميع المشاركين، مما يحول دون دم المقتول هدرًا. فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث المالية، بجعله ملزمًا بطريق التعاقد، والإرادة الحرة، كما جعله الشارع إلزاميًا دون تعاقد في نظام العاقلة، كما هو معمول به في عقد التأمين التجاري، يقول ابن القيم رحمه الله في صدد ما يجوز من المشارطات العقدية شرعًا «كل شرط قد جاز بذله بدون الاشتراط، لزم بالشرط، فمقاطع الحقوق عند الشروط، وإذا كان من علامات النفاق إخلاف الوعد، وليس بمشروط، فكيف الوعد المؤكد بالشرط، بل ترك الوفاء بالشرط يدخل بالكذب، والخلف، والخيانة، والغدر» (١).

[ونوقش هذا الدليل]

بأن ما تدفعه العصبة ليس من باب المعاوضة، فعصبة الجاني لم تتلق منه


(١) أعلام الموقعين (٣/ ٣٩٠) وانظر نظام التأمين: حقيقته والرأي الشرعي فيه للشيخ مصطفى الزرقاء (ص: ٦٠ - ٦٢)، والمعاملات المالية المعاصرة - محمد عثمان شبير (ص: ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>