أن ركن البيع (الإيجاب والقبول) صدر من أهله، مضافًا إلى محله، ومعلوم في المذهب أن البيع لا يكون باطلًا إلا إذا تطرق الخلل إلى ركن البيع، وأما إذا كان البيع مشروعًا بأصله دون وصفه كان البيع فاسدًا، فالركن الذي هو الإيجاب والقبول قد تحقق، فينعقد البيع، وما دام أن الخلل قد تطرق إلى الشرط أو الوصف وهو عدم الرضا حكمنا عليه بالفساد.
[السبب الثاني]
أن الاختيار لم ينتف وإنما انتفى الرضا، فالمكره قد اختار البيع وقصده ليرتكب أخف الضررين، خاصة في الإكراه غير الملجئ، وقد تقدم بيانه. وإنما حكمنا بأن العقد فاسد؛ لفقد شرطه، وهو التراضي، فصار كسائر الشروط المفسدة، يثبت به الملك عند القبض، ويصح بإجازة المالك؛ لأن الحق له، فيرتفع الإكراه مع الإجازة.
[ويناقش]
أولًا: التفريق بين الرضا والاختيار تفريق خاص في مذهب الحنفية، وسبق مناقشته، وبينا أن الرضا له معان كثيرة منها الاختيار، وما قيمة الاختيار إذا كان الإنسان مكرهًا عليه، وكيف يكون مختارًا للبيع، وهو مكره عليه، ولو خلي بينه وبين إرادته لم يختره، ولم يرضه.
ثانيًا: أن التفريق بين الفاسد والباطل هو أيضًا اصطلاح خاص بالحنفية، وقد ناقشناه في فصل سابق.