وصححه من الشافعية ابن الملقن كما في تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج (ص:١٠٩)، ومن الحنابلة ابن القيم كما في إعلام الموقعين (١/ ٢٠٢)، وانظر الأحكام الوسطى للإشبيلي (٣/ ٢٧٠). ويشكل على هذا عندي حكاية تلقي العلماء له بالقبول، فإن هذا القبول لا بد من ثبوته أولًا، وفهم المراد منه ثانيًا، خاصة أني لم أر البخاري ولا مسلمًا أخرجا حديثًا في صحيحيهما اعتمادًا على تلقي العلماء له بالقبول، واكتفوا بذلك عن الإسناد، وكل يدعي أن دليله قد تلقي بالقبول، وما المراد بالقبول؟ أليست هذه العبارة هي حكاية للإجماع، فلماذا لا يكون الحجة هو الإجماع إن كان الإجماع ثابتًا، وهو من أدلة الشرع على الصحيح، وهل هناك إجماع على العمل بمقتضى هذا الحديث، الجواب: لا، وقد لحظنا ذلك من خلال المسائل الخلافية المتقدمة، فإن الشافعية أخذوا بمبدأ التحالف بين المتنازعين في أغلب مسائل اختلاف المتبايعين، وهذا يدل على أنهم خالفوا هذا الحديث، ولم يعملوا بمقتضاه، فكيف يحكى الإجماع على قبوله، وتابعهم على هذا الحنابلة في كثير من مسائل تنازع المتبايعين، وهؤلاء المالكية قالوا بالتحالف إذا كانت السلعة قائمة، فلا تصح حكاية دعوى الإجماع، ولكن ممكن أن نحسن الحديث بمجموع طرقه، ولا نعارض به الأحاديث الصحيحة المتفق عليها في الصحيحين، فإذا كان من الممكن أن يكون أحدهما مدعيًا، والآخر مدعى عليه، ولا بينة، كان القول قول المدعى عليه مع يمينه عملًا بحديث ابن عباس المتفق عليه، ولا نأخذ بهذا الحديث الذي جميع طرقه لا تخلو من مقال. وإن كان كل واحد منهما مدعيًا ومدعى عليه، تحالفا لا بصفتهما أن كل واحد مدع، ولكن بصفة أن كل واحد منهما مدعى عليه. وإن لم يمكن تحديد المدعى عليه من المدعي، أخذنا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه، والله أعلم.