للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثامن

في بيع الأصنام

(ح-١٨١) روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح،

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة، إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها، جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه (١).

[وجه الاستدلال من الحديث]

دل الحديث على تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.

قال ابن القيم: «وأما تحريم بيع الأصنام فيستفاد منه تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك، على أي وجه كانت، ومن أي نوع كانت، صنمًا، أو وثنًا، أو صليبًا، وكذلك الكتب المشتملة على الشرك، وعبادة غير الله، فهذه كلها يجب إزالتها، وإعدامها، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها، فهو أولى بتحريم البيع من كل ما عداها، فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤخر ذكرها لخفة أمرها، ولكنه تدرج من الأسهل إلى ما هو أغلظ، فإن الخمر أحسن حالًا من الميتة، فإنها قد تصير مالًا محترمًا إذا قلبها الله سبحانه وتعالى ابتداء خلًا، أو قلبها الآدمي بصنعته عند طائفة من العلماء .... » (٢).


(١) صحيح البخاري (٢٢٣٦)، ومسلم (١٥٨١).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ٧٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>