فإن الأمان كما لا يخفى هو الباعث على عقد التأمين، ومحل العقد: هو ما يدفعه كل من المؤمن والمؤمن له، أو ما يدفعه أحدهما؛ إذ لو قلنا: إن الأمان هو المحل لكان عقد التأمين باطلا قانونًا وفقهًا، فإن من الشروط المسلم بها في القانون، والفقه أن محل العقد لا بد أن يكون ممكنًا، فإذا كان المحل مستحيلًا، فالعقد باطل، ومن البدهي أن الأمان في عقد التأمين يستحيل الالتزام به، وهذا يدفع قول الأستاذ الزرقاء: إنه ليس هناك دليل يثبت، أن الأمان (الضمان) لا يجوز الحصول عليه لقاء مقابل» (١).
[ويجاب عن هذا]
أولًا: قول الشيخ الصديق محمد الضرير بأن الأمان في عقد التأمين يستحيل الالتزام به، فيقال: لم يقصد الشيخ الزرقاء أن يقول: إن عقد التأمين هو التزام بعدم حدوث خطر للمستأمن، حتى يقول: إنه يستحيل الالتزام به، وإنما يقصد أن الضمان القائم بعقد التأمين يحصل له منه الأمان، والإقدام على المخاطرة بنفس مطمئنة، وسواء حصل الخطر له، أو لم يحصل، فالأمر سيان عنده؛ لأن بضاعته والذي هو حريص على سلامتها، قد ضمن له سلامتها، وذلك بدفع مثلها إن تلفت، أو إتمامها إن نقصت، شأنه في ذلك شأن البضائع التي تشترى في السوق، وقد تعهدت الشركة المنتجة بالضمان لمدة معينة، وذلك باستبدال قطع الغيار التالفة، وكل ما زادت مدة الضمان، زادت قيمة السلعة، والشركة ليست مغامرة في هذا؛ لأنها تعرف بضاعتها، ونسبة ما قد يتعرض للتلف في مقابل رواج السلعة، وزيادة سعرها عن السلع غير المضمونة، فما تأخذه في مقابل زيادة السلعة، وزيادة رواجها، يغطي بعضه ما قد يحدث من تلف،