تكلمنا في المبحث السابق عن منزلة القبض في الهبة، هل هو ركن، أو شرط للصحة، وسنتكلم في هذا الفصل، عن عقد الهبة، هل هو عقد جائز، أو عقد لازم، وإذا كان لازمًا فمتى يلزم، هل يلزم بالعقد، أو يلزم بالقبض؟
وللجواب على ذلك نقول:
[م-١٨٦٤] اتفق العلماء على أن الملك يثبت بالإيجاب والقبول والقبض.
واختلفوا هل تلزم الهبة بإيجاب وقبول خال من القبض؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
الهبة عقد جائز لا تلزم بالقبض، وإن كان القبض يحصل به الملك للموهوب له ملكًا غير لازم، ولا تلزم الهبة إلا بأمرين:
الأول: أن يُعوَّض الواهب عن هبته، فإذا عوض عنها سقط حقه بالرجوع فيها، وإذا لم يعوض عنها صاحبها فإن الواهب يملك حق الرجوع فيها، ولو بعد القبض، ولا بد من التصريح بأن ما يدفعه عوض عن الهبة، كأن يقول: هذا عوض، أو بدل هبتك، ونحو ذلك، ويكون العوض مع ذلك هبة يصح بما تصح به الهبة، ويبطل بما تبطل به، فأما إذا لم يضف العوض إلى الهبة