وهذا التخريج: هو عين مسألة ضع وتعجل، فيتعجل بعض حقه، ويضع البعض الآخر، على سبيل الإبراء، والإسقاط.
[ولا يصح هذا التخريج من ثلاثة وجوه]
[الوجه الأول]
تخريج الخصم على أنه من باب التنازل على سبيل الإبراء والإسقاط لا يصح، وذلك لأن ذمة المصرف غير مشغولة بقيمة الكمبيالة، فهو ليس مديناً بها، فكيف يبرأ من شيء لم يثبت في ذمته أصلاً، وإذا لم يكن البنك مديناً لطالب الخصم، فإنه يصدق عليه أنه زاد في مقابل التأجيل، لا أنه وضع في مقابل التعجيل، فالمصرف قد أقرض طالب الخصم نقداً ليسترد أكثر منه عند حلول أجل الورقة، فهي زيادة في مقابل التأجيل.
[الوجه الثاني]
أن حامل الورقة لم يكن تنازله على سبيل الإسقاط والهبة، وإنما كان ذلك بشرط أن يقوم المصرف بإقراضه جزءاً من قيمتها، كما أن الإسقاط، والإبراء ليس متروكاً لاختيار المظهر، فإن شاء تركها للمصرف، وإن شاء أخذها، بل إن المصرف وهو المقرض يشترطها، وبهذا تكون معاملته على سبيل المعاوضة، وليس من قبيل الإسقاط والإبراء، وهذا لا يجوز.
[الوجه الثالث]
أن من أجاز علمية (ضع وتعجل) نظر إلى النفع الذي يلحق المدين من براءة ذمته، وإلى النفع الذي يلحق الدائن بتعجيل حقه، أما في عملية الخصم، فالأمر مختلف؛ لأن المدين لا يزال مديناً لم تبرأ ذمته، ولم يجن نفعاً، بل تعاقب عليه دائن آخر، وهو المصرف.