للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه عين للعقود صفة معينة من الألفاظ أو غيرها، فإذا لم يكن لذلك حد في الشرع، ولا في اللغة، كان المرجع فيه إلى عرف الناس وعاداتهم، فما سموه بيعًا فهو بيع.

[الدليل الثالث]

تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان:

عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١].

وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحضر، فلا يحضر منه إلا ما حضره الله سبحانه وتعالى، وإلا دخلنا في معنى قول الله عز وجل: {قُلْ أَرَءَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: ٥٩].

{قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة والطيبات من الرزق} [الأعراف:٣٢].

فالبيع والهبة والإجارة ليست من قبيل العبادات، بل هي من قبيل العادات، فالناس لهم أن يتبايعوا ويستأجروا كيف شاؤوا ما لم تحرم الشريعة، كما لهم أن يأكلوا ويشربوا كيف شاؤوا ما لم تحرم الشريعة.

[الدليل الرابع]

البيع مما تعم به البلوى، فلو كان التزام لفظ معين شرطًا في صحته لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًا، ولم يخف حكمه، ولو بينه لنقل نقلًا شائعًا لكثرة وقوع البيع بينهم، ولأن عدم البيان يفضي إلى الوقوع في العقود الفاسدة، وأكل المال

<<  <  ج: ص:  >  >>