الشركة بسيارة مثلها، أو تصلحها وهذا هو الأمان والاطمئنان مما يستوجب أن يدفع فيه نفيس الأثمان.
[الراجح من الخلاف]
بعد هذا النقاش، واستعراض الأدلة، أريد أن أسجل بعض النتائج من ذلك:
أولًا: أجد أن الخلاف في التأمين هو خلاف قوي، والترجيح إنما هو بين قول قوي وآخر أقوى منه، ولا يحسن من بعض المشايخ عند التعرض له، أن يقول أحدهم: دحض شبه القائلين بكذا، من القولين، فليس القول الذي لا نشتهيه: هو القول الساقط، وأدلته مجرد شبه، بل لكل قول وجهته، وأدلته القوية.
ثانيًا: أن بعض المعاملات المالية قد يتنازعها موجبان، موجب يقول بالتحريم، وموجب آخر يقول بالإباحة، والأخذ إنما هو بأقوى الداعيين بمقتضى اجتهاد الباحث، ولا يطلب من كل المعاملات المالية الحلال ألا يكون فيها ما يوجب التحريم، وهذه من مرونة الشريعة الإسلامية وتقديرها لمصالح العباد، فعقد السلم يتنازعه المبيح والمانع، فالمانع لأنه بيع معدوم، وقد لا يوجد المعقود عليه مستقبلًا فيتعذر التسليم، ويفسخ العقد، ويكون انتظار المشتري بلا مقابل، وإن وجد المعقود عليه فقد تتغير قيمته هبوطًا أو ارتفاعًا، وكل هذا مما يستدعي المنع، وأما الداعي للإباحة: فإن البيع واقع في الذمة، وليس على شيء معين، والناس بحاجة إلى هذه المعاملة لحاجة المزارعين إلى السيولة لاستصلاح الأرض والزرع والثمار، وحاجة التجار إلى الحصول على هذه المحاصيل بسعر أقل، فيرتفق المزارعون بحصولهم على الأموال، ويرتفق التجار بحصولهم على السلع بقيمة أقل، وهكذا.