للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت. بصر عيني وسمع أذني. ورواه مسلم (١).

[وجه الاستدلال]

أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينظر إلى لفظ المعطي، وإنما نظر إلى قصده ونيته، فلما كان الحال يدل على أن المعطي إنما أعطى نظرًا لولاية المعطى؛ لينتفعوا منه تخفيفًا عنهم، أو تقديمًا لهم على غيرهم، أو لغيرها من الأسباب لم يعتبر ذلك هدية، وكان هذا الحديث أصلًا في اعتبار المقاصد، ودلالات الحال في العقود (٢).

[الدليل الثالث]

المقاصد والنيات معتبرة في التحليل والتحريم، مقدمة على ظواهر الألفاظ، فإذا كانت قصده من هذا العقد محرمًا حرم عليه العقد، وإن كان ظاهر العقد السلامة والصحة.

يقول ابن القيم في ذلك: «هل الاعتبار بظواهر الألفاظ والعقود، وإن ظهرت المقاصد والنيات بخلافها، أم للقصود والنيات تأثير يوجب الالتفات إليها، ومراعاة جانبها.


(١) البخاري (٦٩٧٩)، ومسلم (١٨٣٢).
(٢) انظر إقامة الدليل (٦/ ١٥٧ - ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>