قال ابن شاس المالكي في عقد الجواهر الثمينة (٣/ ٩٦٥): «الركن الثالث: الصيغة، أو ما يقوم مقامها في الدلالة على الوقفية؛ إذ ليست بمتعينة، بل ما يقوم مقامها مما يدل في العرف على معناها كالإذن المطلق في الانتفاع على الإطلاق، كما لو أذن في الصلاة في المكان الذي بناه للصلاة إذنًا مطلقًا لا يتخصص بشخص ولا زمان لكان كاللفظ في الدلالة على الوقفية». وانظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير (٤/ ١٠٤)، الخرشي (٧/ ٨٨)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (٢/ ٢٦٤). وانظر في مذهب الحنابلة: الوقف من مسائل الإمام أحمد (١/ ٢٧٩)، المحرر (١/ ٣٧٠)، المبدع (٥/ ١٥٢)، الإقناع (٣/ ٢). وأما الحنفية فهم وإن وافق بعضهم في صحة الوقف بالتعاطي، إلا أنهم أضيق مذهبًا من المالكية والحنابلة، فهم يصححون الوقف بالتعاطي بشرط أن يجري العرف في التعامل فيه، وفي مثل المسجد أن تجري الصلاة فيه.
جاء في فتح القدير لابن همام (٦/ ٢٣٤): «فإذا أذن للصلاة فيه، فصلى كما ذكرنا، قضى العرف في ذلك بخروجه عنه، ومقتضى هذا أمران: أحدهما: أنه لا يحتاج في جعله مسجدًا إلى قوله: وقفت، ونحوه، وبه قال مالك وأحمد. وقال الشافعي: لا بد من قوله وقفته، أو حبسته، ونحو ذلك ..... ونحن نقول: إن العرف جار بأن الإذن في الصلاة على وجه العموم، والتخلية يفيد الوقف على هذه الجهة، فكان كالتعبير به، فكان كمن قدم طعامًا إلى ضيفه، أو نثر نثارًا كان إذنا في أكله والتقاطه، بخلاف الوقف على الفقراء لم تجر عادة فيه بمجرد التخلية والإذن بالاستغلال، ولو جرت به عادة في العرف اكتفينا بذلك كمسألتنا. والثاني: أنه لو قال: وقفته مسجدًا، ولم يأذن في الصلاة فيه، ولم يصل فيه أحد، لا يصير مسجدًا». وجاء في كتاب أحكام الوقف للخصاف (ص: ١١٣): «ومذهب أبي حنيفة الذي قال فيه: لا يكون مسجدًا حتى يصلى فيه، قال: الصلاة فيه بمنزلة القبض». وانظر البحر الرائق (٥/ ٢٦٨ - ٢٦٩).