عقد التأمين يتضمن بيع دين بدين، وهذا منهي عنه؛ لأن الأقساط التي سيدفعها المستأمن دين في ذمته، ومبلغ التأمين الذي ستدفعه الشركة دين في ذمتها، فهو دين بدين، فلا يصح.
[مناقشة هذا الدليل]
لا يعتبر الالتزام بالضمان دينًا قبل استحقاقه، ولو اعتبر الالتزام دينًا لم يجز ضمان الديون مطلقًا؛ لأنه سيكون دينًا بدين، ولا قائل به، وإذا استحق التعويض لقيام سببه، من إتلاف، أو نقص، ستكون الأقساط التي موجبها يستحق التعويض قد دفعت، فلا يكون دينًا بدين.
هذه أدلة المانعين التي وقفت عليها، وأقوى دليل لهم هو القول بوجود الغرر الفاحش، وقد تمت مناقشته، وتحريم الغرر ليس كتحريم الربا، على أن القائلين بجواز التأمين التجاري لا يسلمون بوجود الغرر، وإن سلم بعضهم بوجوده، لا يرون الغرر مانعًا من مشروعية المعاملة، باعتبار أنْ منع الناس من التأمين أشد ضررًا عليهم من وقوعهم في الغرر الموجود في التأمين، وذلك أن الغرر مفسدته محتملة، وليست حتمية، ومنع الناس من التأمين مع قيام حاجتهم إليه مفسدته قائمة، ولا تدفع المفسدة المتيقنة بالمفسدة المتوقعة.
[دليل القائلين بجواز التأمين التجاري.]
[الدليل الأول]
لا يطالب من قال بالجواز بدليل إيجابي، بل يكفيه الدليل السلبي، وهو عدم وجود دليل صحيح يقتضي التحريم، وقد أجاب القائلون بالجواز عن جميع أدلة المانعين، وهذا بحد ذاته كاف ليكون دليلًا على جواز التامين التجاري، فإن