للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمعاوضة إذا كانت حلالًا لا تفسد العقد إذا انقلب حالها من التبرع إلى المعاوضة، نعم لو كانت المعاوضة حرامًا بذاتها، كان انقلابها إلى معاوضة يصيرها من الحلال إلى الحرام، فطلب الربح بالشريعة ليس من المحرمات، بل إن طلب الربح يعتبر من المحفزات على النماء، لا غنى عنه في الأنشطة الاقتصادية، وهو الأساس، وأما التبرع فهو نادر، واستثناء.

يقول العز بن عبد السلام: «البيع لو لم يشرعه الشارع لفاتت مصالح الخلق فيما يرجع إلى أقواتهم، ولباسهم، ومساكنهم، ومزارعهم، ومغارسهم وسواتر عوراتهم، وما يتقربون به إلى عالم خفياتهم، ولا عبرة بالهبات، والوصايا، والصدقات؛ لأنها نادرة لا يجود بها مستحقها إلا نادرًا» (١).

«وكذلك الإجارات، لو لم يجوزها الشارع لفاتت مصالحها من الانتفاع بالمساكن، والمراكب، والزراعة، والحراثة، والسقي، والحصاد، والتنقية، والنقل والطحن، والعجن، والخبز، ولا عبرة بالعواري (جمع عارية) وبذل المنافع كالخدمة ونحوها، فإنها لا تقع إلا نادرًا لضنة أربابها بها، مع ما فيه من مشقة المنة على من بذلت له .. » (٢).

فهل نترك التأمين مع قيام الحاجة التي قد تصل إلى حد الضرورة في سائر المرافق الاقتصادية الحيوية والتي هي بحاجة ماسة إلى تخفيف آثار الكوارث الماحقة، إلى وجود متبرع بالضمان من أهل الخير، وإذا وجد هذا المتبرع، فهل يستطيع أن يوفر الضمان في جميع المشاريع الاقتصادية الحيوية.


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (١/ ٢٣٥).
(٢) القواعد الكبرى (١/ ٣٤٧) و (٢/ ١٢٢). وانظر الخطر والتأمين للدكتور رفيق المصري (ص: ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>