للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

انعقاد الإجارة بلفظ البيع

[م-٨٢٣] اتفق الفقهاء على صحة انعقاد الإجارة باللفظ الصريح فيها، وجمهورهم على صحة انعقاد الإجارة بأي لفظ دال عليها.

واختلفوا في صحة انعقاد الإجارة بلفظ البيع كما لو قال: بعني دارك لأسكنها سنة، أو قال للأجير: بعني عملك يومًا.

[تحرير محل الخلاف]

الأصل في ألفاظ العقود أن تكون مطابقة للمعنى المراد من العاقدين؛ لأن اللفظ هو المعبر عن المعنى القائم في نفس المتعاقدين، والأصل حمل كلام المتعاقدين على ظاهره، واللغة ما جعلت إلا لتعبر عما في النفس، ولو حملنا الكلام على غير ظاهره بدون صارف بطلت فائدة اللغة، وفائدة التخاطب، وهذا مما لا خلاف فيه، ولكن الخلاف فيما لو تيقنا أن العاقد أراد معنى مخالفًا للفظ الصادر منه، فهل يغلب اللفظ، أو يغلب المعنى باعتباره هو المقصود، واللفظ مجرد دليل عليه؟

فلو قال العاقد: وهبتك هذه الدابة بألف، فهل ذكر العوض يجعل العقد من عقود المعاوضات فيكون بيعًا؟ أو نعتبر اللفظ، ونفسد العقد؛ لأن عقود التبرعات لا عوض فيها.

[م-٨٢٤] الصحيح أن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني. وعلى هذا مذهب الحنفية (١)،


(١) قال في فتح القدير (٦/ ٢٥١): «والمعنى هو المعتبر في هذه العقود؛ ألا يرى إلى ما قالوا: لو قال: وهبتك أو وهبت لك هذه الدار أو هذا العبد بثوبك هذا، فرضي به، فهو بيع بالإجماع». يقصد بذلك إجماع علماء الحنفية، والله أعلم.
وقال ابن نجيم في الأشباه والنظائر (ص: ٢٠٧): «الاعتبار للمعنى، لا للألفاظ، وصرحوا به في مواضع منها ... » ثم ذكر جملة من فروع هذه المسألة في باب الكفالة، والبيع، والهبة، والعتق، والنكاح .. الخ. وانظر غمز عيون البصائر (٢/ ٢٦٦)، وانظر مجلة الأحكام العدلية، المادة (٣) حيث قال: العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>