يتم إنجازه من عقود التوريد في الوقت الحاضر لما اشتمل عليه من مميزات وخصائص فقهية مجتمعة من دون تلفيق لم تتوافر مجتمعة في بقية المذاهب ... (١).
[ويناقش]
بأن تنزيل عقد التوريد على بيع السلعة الموصوفة مع تأجيل العوضين إنما يصح تخريجه على بيع الموصوف المعين لدى الفقهاء، أما إذا كانت السلعة موصوفة في الذمة فلا يمكن تنزيل عقد التوريد على بيع الموصوف؛ لأن الفقهاء بالاتفاق يوجبون في هذه الحالة تقديم الثمن، والبيع في عقود التوريد ليس بيعًا لسلعة معينة غائبة عن مجلس العقد، وإنما لسلعة موصوفة في الذمة غير معينة، ومن هنا لا يمكن أن يخرج عقد التوريد على بيع الموصوف لدى الفقهاء.
الأصل الثاني: أن يعد عقدًا جديدًا في ذاته وصفاته، يخضع أولًا لقاعدة الأصل في المعاملات الإباحة. ومن أسباب الإباحة الشرعية وجود المقتضي لها فهو يحقق مصالح متعددة لأطراف متعددين: للبائع والمشتري والمجتمع، فبالنسبة للبائع يحقق له عقد التوريد أمورًا ضرورية من أهمها:
تسويق السلعة المنتجة دون الوقوع في الكساد، وضمان تشغيل الأيادي العاملة دون عجز أو تقصير في دفع الأجور، والمحافظة على مستوى معين من الإنتاج، كما أنه يضمن للمشتري الحصول على السلع التي يريدها في الموعد المحدد.
ومن القواعد الأصولية للإباحة انتفاء المانع، إذ لا يكفي وجود المقتضي، بل لا بد من انتفاء المانع، وهو كل ما يتعارض مع القواعد الشرعية ومقاصدها.
ولا يوجد مانع يمنع من صحة العقد كالوقوع في الربا أو في الغرر.
(١) فقه المعاملات الحديثة - عبد الوهاب أبو سليمان (ص: ٩٧).