للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم قوة هذا القول لكونه منطوق الحديث النبوي، فإنه يعكر عليه ما يلي:

أولًا: قال ابن عبد البر في التمهيد: «لم يختلف العلماء أن الحائط إذا تشقق طلع إناثه، فأخر إباره، وقد أبر غيره ممن حاله مثل حاله أن حكمه حكم ما أبر; لأنه قد جاء عليه وقت الأبار، وظهرت ثمرته بعد تغيبها في الخف» (١).

فهذا الإجماع إن صح قد يعكر على من علق الحكم بالتأبير.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار أيضًا: «الإجماع على أن الثمرة لو لم تؤبر حتى تناهت، وصارت بلحًا أو بسرًا، وبيع النخل أن الثمرة لا تدخل فيه، قالوا: فعلمنا أن المعنى في ذكر التأبير ظهور الثمرة، فاعتبروا ظهور الثمرة، ولم يفرقوا بين المؤبر وغير المؤبر» (٢).

ثانيًا: قال ابن حجر: «لا يشترط في التأبير أن يؤبره أحد، بل لو تأبر بنفسه لم يختلف الحكم عند جميع القائلين به» (٣).

وهذا أيضًا يعكر على قول شيخنا رحمه الله: إن البائع إذا أبره فقد عمل فيه عملًا يصلحه، وتعلقت نفسه به، بخلاف ما إذا لم يؤبره، فإنه لم يصنع شيئًا فيه.

[الراجح]

بعد استعراض الأقوال وأدلتها أجد أن مذهب ابن أبي ليلى هو أضعف الأقوال، حيث إنه يخالف صريح الحديث، ولعله لم يبلغه، ويليه بالضعف مذهب الحنفية حيث أخذوا بمنطوق حديث ابن عمر في المؤبرة، وهو لا يقول بدليل الخطاب، فألحق غير المؤبرة بالمؤبرة، وأقوى الأقوال القول بالتأبير فهو


(١) التمهيد (١٣/ ٢٩١).
(٢) الاستذكار (١٩/ ٨٦)، وانظر التمهيد (١٣/ ٢٩١).
(٣) فتح الباري (٤/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>