للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها من المشروع، ما دام لا وسيلة غير هذه تضمن لها البقاء، وما دام وجودها وبقاؤها ضرورياً للأمة. إن هذا لا يكون من الربا المحرم شرعاً، الربا الذي يكون تجارة لمن يقوم به ولفائدته وحده على أنه إن كان ربا، أو فيه شبهة من الربا الذي لا شك في أنه حرام شرعاً، فهو يجوز للضرورة كما قلنا، فالضرورة تبيح المحظورات، وما ضاق أمر إلا واتسع حكمه، رحمة من الله بالناس، والمشقة تجلب التيسير، وكل هذه قواعد كلية عامة يعرفها الفقه والفقهاء، بل إن الفقه قام عليها في كثير من أحكامه» (١).

[ويناقش ما سبق]

نسلم أن الضرورة تبيح الحرام، ومنه الربا، ولكن لا نسلم قيام الضرورة في إصدار السندات، وذلك من وجوه:

[الوجه الأول]

أن حد الضرورة التي تبيح المحرم أن يبلغ الإنسان «حداً إن لم يتناول الممنوع هلك، أو قارب، كالمضطر للأكل، واللبس، بحيث لو بقي جائعاً، أو عرياناً، لمات، أو تلف منه عضو» (٢).

ولو ترك المستثمر بالسندات الاستثمار بها لم يهلك، ولم يقارب، فالتعامل بالسندات بعيد كل البعد عن وقوعه في الضرورة التي تبيح المحرم.

ولا يعتبر إفلاس الشركة ضرورة؛ لأن إفلاس الشركة لا يلزم منه إفلاس الشركاء، وإذا أفلست شركة أمكن أن تقوم شركة أخرى مقامها.


(١) الإسلام ومشكلاتنا الحاضرة (ص: ٦٣، ٦٤).
(٢) المنثور في القواعد (٢/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>