للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال: نعم. قال: إذا فعل، ثم مات، أتورث عنه؟

فإن قال: لا.

قيل: فهذا فرار من فرائض الله تعالى؟

فإن قال: لا؛ لأنه أعطى، وهو يملك، وقبل وقوع فرائض الله تعالى.

قيل: وهكذا الصدقة، تصدق بها صحيحًا قبل وقوع فرائض الله تعالى. وقولك: لا حبس عن فرائض الله تعالى محال؛ لأنه فعله قبل أن تكون فرائض الله في الميراث؛ لأن الفرائض إنما تكون بعد موت المالك، وفي المرض» (١).

قال الطبري: «ولا حجة له في قول شريح؛ لأن من تصدق بماله في صحة بدنه، فقد زال ملكه عنه، ومحال أن يقال لما زال ملكه عنه قبل موته بزمان: حبسه عن فرائض الله، ولو كان حبسًا عن فرائض الله من أزال ملكه عما ملكه لم يجز لأحد التصرف في ماله، وفي إجماع الأمة أن ذلك ليس كذلك ما ينبئ عن فساد تأويل قول شريح أنه بمعنى إبطال الصدقات المحرمات، فثبت أن الحبس عن فرائض الله إنما هو لما يملكه في حال موته، فيبطل حبسه كما قال شريح، ويعود ميراثًا بين ورثته» (٢).

[قد يقال في الجواب عن ذلك]

هذا القول يصح تخريجه على قول من يقول: إن العين الموقوفة لا تبقى على ملك الواقف بعد الوقف، فيكون الوقف في هذا يشبه الصدقة، والهبة، فإذا خرجت العين في حال الصحة لم يكن هناك حبس عن فرائض الله تعالى، وأما


(١) الأم (٤/ ٦٠ ـ ٦١).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٨/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>