للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقبل منه، وكذلك لو كان المتبايعان لا يجب عليهم السعي إلى الجمعة لم يمنعوا من البيع والشراء، فإذًا المراد بالنهي عن البيع نهي عن كل ما يشغل الإنسان عن الواجب الذي قد دخل وقته من حين إعلان النداء للجمعة، وهو وجوب السعي إلى الجمعة، فالنهي كما يشمل البيع يشمل سائر العقود، بل يشمل حتى الانشغال بالكلام المباح إذا كان ذلك يعوق السعي إلى الصلاة، فكله داخل في النهي.

ويقول شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «سائر العقود منهي عنها كالبيع، وإنما ذكر الله البيع بحسب الواقع؛ لأن هذا هو الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم لما وردت العير من الشام خرجوا، وبدؤوا يتبايعون فيها (١)، فتقييد الحكم بالبيع إنما هو باعتبار الواقع فقط، وإلا فكل ما ألهى عن حضور الجمعة فهو كالبيع، لا فرق .. » (٢).

[دليل من قال: لا يحرم إلا البيع خاصة]

استدل بظاهر الآية الكريمة من قوله تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] فأخذ الظاهرية وفقًا لقواعد مذهبهم من الجمود على الظاهر، وعدم ملاحظة المعنى فقالوا: لا يحرم إلا البيع.

وأما أهل القياس كالحنابلة فقالوا بصحة النكاح وسائر العقود، وعللوا ذلك بأن الآية نصت على البيع، وأما غيره فلا يساويه لقلة وقوعه، فلا تكون إباحته ذريعة إلى فوات الجمعة (٣).


(١) يشير الشيخ إلى ما أخرجه البخاري في البيوع، باب قوله الله عز وجل: {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا} [الجمعة:١١] برقم (٢٠٥٨)، ومسلم في الصلاة (٨٦٣) من حديث جابر.
(٢) الشرح الممتع (٨/ ١٩٢).
(٣) كشاف القناع (٣/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>