للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآثار عن عمل الصحابة تكشف لك أن التكليف ليس شرطًا، وهم إنما أخذوا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي: ولا ريب أن أقوال الصحابة أمثال عمر، وعلي، وعائشة، وابن عمر، وجابر إذا اتفقت في موضوع كهذا، يكثر وقوعه، وتعم به البلوى، وخاصة أن ذلك المجتمع الذي قدم الشهداء تلو الشهداء، وكثر فيه اليتامى، كان لها دلالتها واعتبارها في هذا المقام، ولا يسع عالمًا إهدار أقوالهم التي أجمعت على هذا الأمر، مع قرب عهدهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وكمال فهمهم عنه، ومعرفتهم بالقوارع التي أنزلها الله في شأن أموال اليتامى، والحق أنه لم يصح عن أحد من الصحابة القول بعدم وجوب الزكاة في مال اليتيم، وما روي عن ابن مسعود وابن عباس فهو ضعيف لا يحتج بمثله» (١).

وأموال المسلمين معصومة، وأولاها أموال اليتامى، فلو لم يكن هذا الفعل واجبًا لكانت مراعاة اليتيم أولى من مراعاة المسكين، فالمسكين يأخذ من صدقات الكبار الأغنياء الواجبة والمستحبة، فلما أخذت الزكاة من هذه الفئة دل ذلك على أنه لأمر واجب، والله أعلم.

[الدليل السابع]

احتج ابن عبد البر بالإجماع على وجوب الزكاة على اليتيم في حرثه وثماره، وأن من يجن أحيانًا، وكذا الحائض لا يراعى قدر الجنون والحيض من الحول، فدل ذلك كله على أن الزكاة حق المال، وأنها ليست كالصلاة التي هي حق البدن (٢).


(١). فقه الزكاة (١/ ١١٢).
(٢). انظر الاستذكار (٣/ ١٥٦)، وشرح الزقاني على الموطأ (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>