للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثالث]

ذهب ابن قدامة إلى صحة اشتراط العمل على رب المال، وخرجه من كلام الإمام أحمد بصحة اشتراط الجذاذ على رب المال، ولم ير ابن قدامة معنى لاستثناء الجداد دون سائر الأعمال، وقد اشترط ابن قدامة للجواز شرطين:

أحدهما: أن يكون ما يلزم كل واحد منهما معلومًا، وهذا الشرط لا بد منه قطعًا للنزاع.

الشرط الثاني: أن يكون أكثر العمل على العامل.

جاء في المغني: «وإن شرطا على أحدهما شيئًا مما يلزم الآخر:

فقال القاضي وأبو الخطاب: لا يجوز ذلك، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه شرط يخالف مقتضى العقد، فأفسده كالمضاربة إذا شرط العمل فيها على رب المال.

وقد روي عن أحمد ما يدل على صحة ذلك، فإنه ذكر أن الجذاذ عليهما، فإن شرطه على العامل جاز، وهذا مقتضى كلام الخرقي في المضاربة؛ لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد، ولا مفسدة فيه فصح، كتأجيل الثمن في المبيع، وشرط الرهن، والضمين، والخيار فيه، لكن يشترط أن يكون ما يلزم كل واحد من العمل معلومًا؛ لئلا يفضي إلى التنازع والتواكل، فيختل العمل، وألا يكون ما على رب المال أكثر العمل؛ لأن العامل يستحق بعمله، فإذا لم يعمل أكثر العمل كان وجود عمله كعدمه، فلا يستحق شيئًا» (١).

وأرى أن تخريج ابن قدامة صحيح؛ لأنه لا معنى لاستثناء الجذاذ دون غيره،


(١) المغني (٥/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>