للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ونوقش هذا]

إذا تم الاتفاق على كون المواعدة ملزمة للطرفين فهذا يصير الوعد عقدًا؛ لأن الإلزام من أبرز خصائص العقد، وقد صرح الفقهاء بأن الوعد لا يعتبر عقدًا.

وفي ذلك يقول ابن حزم: والتواعد على بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائز تبايعا بعد ذلك، أو لم يتبايعا؛ لأن الوعد ليس بيعًا» (١).

فالقول بالإلزام بالوعد مع القول بأن البيع الفعلي لا ينعقد إلا عند تسليم المبيعات قول ينقض بعضه بعضًا، فإذا ألزمنا المشتري بالوعد السابق بالثمن السابق كان البيع منعقدًا بذلك الوعد؛ لأنه لا خيار لهما في إحداث إيجاب جديد، وسعر جديد، وكان الإيجاب والقبول الحادث عند التسليم لا حاجة إليهما، فهما إيجاب وقبول صوريان، والعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

وأجيب:

بأن المواعدة ليست عقدًا باتًا، وإنما هي موافقة الطرفين على إنجاز العقد في تاريخ لاحق، وهو يحتاج إلى الإيجاب والقبول في التاريخ اللاحق.

والفرق: أن إنجاز العقد ينقل المعقود عليه من ذمة إلى ذمة حالًا فور ما يتم


(١) وفي مذهب الحنفية، جاء في المادة (١٧١) من مجلة الأحكام: «صيغة الاستقبال التي هي بمعنى الوعد المجرد مثل سأبيع، وأشتري، لا ينعقد بها البيع».
قال في شرحها: «صيغة الاستقبال في اللغة العربية هي المضارع المقترن بالسين أو سوف، كأن يقال: سأبيعك، أو سوف أبيعك، وإنما لا ينعقد البيع بها؛ لأنها وعد مجرد».
وقال صاحب كشاف القناع: «لو قال البائع بعتك بكذا، فقال المشتري: أنا آخذه بذلك لم يصح: أي لم ينعقد البيع؛ لأن ذلك وعد بأخذه».

<<  <  ج: ص:  >  >>