(ب) عدم زكاتها على قول من يرى أن الدين لا تجب زكاته قبل قبضه، حتى يقبض ما يقابل هذه السندات.
[مناقشة هذا القول]
الحق أن هذا القول يصدق على الأوراق النقدية في مرحلة من مراحل تطورها، فهي كانت وثائق للديون في مبدأ أمرها، وليست أموالًا، ولا أثمانًا، وأما الآن لا يصدق عليها ذلك بعد أن أصبح لها قيمة ذاتية؛ لأن التعهد القاضي بتسليم المبلغ المرقوم على الورقة والذي كان مطبوعًا على هذه السندات في مرحلة من تاريخها قد سحب ذلك، ولم يعد مطبوعًا، وقد تحولت إلى نقود إلزامية لا تقبل الاستبدال بذهب أو فضة، كما أن الاستدلال على سنديتها بضرورة تغطيتها جميعًا بذهب أو فضة، أو بهما معًا كان ذلك أيضًا في مرحلة من تاريخها، ولم يعد ملحًا الآن، فلم تقم حاجة إلى تغطيتها جميعها، وإنما قد يغطى بعضها، ولا يلزم أن يكون الغطاء ذهبًا، بل ربما كان من أمور عدة، وذلك مثل الذهب، والعملات الورقية القوية، وهذه التغطية ليست نتيجة للتعهد الصادر من مصدريها، ولكن حاجة الاقتصاد إلى وجود غطاء داعم يوفر الاستقرار للاقتصاد، ويدعم حركة تبادل المال ويوفر التزامًا سلطانيًا بضمان قيمة النقد في حال تعرضه للبطلان.
وأما انتفاء القيمة الذاتية لهذه الأوراق فليس في هذا دليل على سنديتها، لأن النقد قد سبق لنا تعريفه بأنه ينطبق على كل شيء يلقى قبولًا عامًا، ويكون وسيطًا للتبادل، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النقود المعدنية لها قيمة أكبر من قيمتها الذاتية، ومع ذلك لم يقل أحد: إن الزيادة على قيمتها الذاتية يعتبر سندًا على الدولة.
وأما ضمان سلطات إصدارها قيمتها وقت إبطالها، ومنع التعامل بها فهذا سر