للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: إذا كيفنا الوديعة على أنها أمانة من أجل هذه المصلحة كان في ذلك اعتداء على حق الآخرين المقرضين أيضًا، والعدل في المساواة بين جميع المقرضين من أصحاب الحقوق.

السبب الثاني: أن من شرط تقديم صاحب الوديعة على أصحاب القروض أن يجد صاحب الوديعة عين ماله، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة المتفق عليه: من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره (١).

وهذا غير متحقق في الودائع الجارية؛ لأن المصرف يخلط أموال الودائع الجارية بغيرها من الأموال، كأموال الودائع لأجل، والتي لا خلاف فيها أنها قرض فلا يمكن معرفة عين الودائع الجارية من بين سائر الأموال.

[دليل من قال الوديعة المصرفية وديعة إذا لم يأذن صاحبها باستعمالها]

[الدليل الأول]

أن التصرف في الوديعة المثلية جائز مع الضمان، بل ربما بالغ بعضهم فرأى أن التصرف واجب؛ لأن حبس المال دون الانتفاع منه خلاف المصلحة العامة.

يقول الدكتور عيسى عبده: «إذا كانت الوديعة من المثليات فالتصرف فيها جائز مع الضمان. هذا في زمن المعاملات الفردية المحدودة، أما وقد تغيرت الحال، وقامت منشآت متخصصة تشتغل بجمع الودائع وتسخيرها لنفع المجتمع، فنرى أن التصرف في جانب من الودائع (النقدية مثلًا) واجب جلبًا للمصالح» (٢).


(١) البخاري (٢٤٠٢)، ومسلم (١٥٥٩).
(٢) انظر العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية المعاصرة - عيسى عبده (ص:١١٣)، وسيأتي نقل ما يدعم وجهة نظر الدكتور عيسى عبده، والجواب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>